الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

التدخل السعودي في مصر وحتمية العنف المسلح

التدخل السعودي في مصر وحتمية العنف المسلح

يعلم كل علماء السياسة أن وجود مد ملموس للنفوذ السعودي في أي بلد يعد مؤشرا مؤكدا على أن ذلك البلد لن يتمتع باستقرار وأنه قد أصبح على شفا الصراع بين فئاته وإثنياته الى حد الإحتكام للسلاح ويمكننا أن نضرب العديد من الأمثلة على ذلك ولنبدأ بلبنان
حتى وقت قريب لم يكن الحكام السعوديون يبحثون عن حضوراً أيديولوجياً وهابياً لهم في لبنان مكتفين بنفوذ سياسي يدعمه قدرة إقتصادية ملموسة مع إتفاق غير مكتوب بأن يجعلوا من لبنان فقط ساحة للتسلية للسعوديون يمارسون فيها ما يعجزون بحكم الشرطة الدينية عن ممارسته داخل السعودية خاصة أن السعوديون كانوا ينظرون للبنان على أنها لم تنضج بعد مع سيادة الطابع الإسلامي الأزهري لكن السعوديون اكتفوا وسط ذلك بالبقاء متنفذين وحاضرين بإسلامهم الوهابي على الأطراف ووسط المخيمات والأماكن الفقيرة في إستعداد للإنقضاض على القلب من لبنان


مع نهاية حرب 2006 في لبنان كان واقع جديد يتشكل فإسرائيل التى حاربت حربا سعودية بالوكالة هذه المرة منيت بهزيمة في مواجهة حزب الله المحسوب على الإسلام الشيعي وتحديدا على إيران وهنا كان لابد للسعودية أن تبحث عن مخرج من الهزيمة التى شعرت بها رغم أن العديد لم يطرح إسمها بإعتبارها شريك أساسي في هذه الحرب وأحد المضارين من الهزيمة

هنا بدأ آل سعود يلقون بكروتهم المعهودة في الواقع اللبناني وبدأ صعود متزايد للنفوذ السلفي السعودي بعد عام 2006 لكن الصعود السلفي في لبنان لم يكن معدا لمواجهة إسرائيل لكنه كان موجها بالأساس إلى حزب الله فإنضمت القاعدة إلى الأمير بندر بن سلطان إلى جانب الحريري وهو ما ظهر جليا في أحداث نهر البارد فالجماعة السلفية هناك والتى تدار من قبل المخابرات السعودية وتحت إشراف مباشر من الأمير بندر بن سلطان وعبر تمويل مصرفي يمر عبر الحريري إستطاعوا أن يحشدوا إستعدادا لمعركة نهر البارد جنودا لم يلمسوا الأراضي اللبنانية من قبل وأتوا إلى لبنان جوا عبر مطارات السعودية والإمارات وقطر ليخوضوا معركة نهر البارد التى كانت إيذانا بتواجد سلفي سعودي على الأراضي اللبنانية حيث تحارب السعودية معركتها ضد إيران خارج أراضيها هذه المرة

في مصر كان الأمر مختلفا فمن بداية القرن العشرين كان هناك تواجد ضعيف للسلفية السعودية في مصر حافظ على تواجده بإتباع مبدأ التقية وتحت شعارات متعددة كلها دعوى في الظاهر وكانت هذه النواة السلفية تقوم بطباعة كتب الوهابية بمصر حيث لم تكن لدي السعودية مطابع للقيام بهذا العمل ومن خلال ذلك كانت تحصل على أرباح شرعية بينما يجرى تمويلها تمويلا موازيا من ميزانية مباشرة تخضع لنفوذ آل سعود المباشر في السعودية

وكعادة الحكومات المصرية التى لا تشعر بإرتياح نحو الأشياء التى لا تفهمها جيدا كانت الحكومات المصرية المتعاقبة تحاول أن تفهم كنه هذه الجماعات وسبل تمويلها لكنها لم تعثر مرة واحدة على ما يدينها بينما كان هناك شك لدي البعض في كون هذه الجماعات تعمل كخلايا نائمة تستطيع السعودية تنشيطها وقتما تشاء وقت الخلاف ضد مصر ووفقا لمنهج عقائدي لا يعرف حدودا بين الدول وينظر للسعودية على أنها كعبته وولية نعمته وصاحبة كلمة الدين

الشئ الذي وقف في تلك الفترة حائلا ضد صعود مطرد لهذه الجماعات أن هذه الجماعات بفكرها السلفي كانت تميل لتكفير المصريين مسلمين ومسيحيين وكان يبدوا على منتسبيها التشدد والإختلاف في الزي والطباع ولهذا لم تجد السعودية ولا سلفييها فرصة مناسبة داخل مصر خاصة مع وجود صوفي قوي ودور قوى للأزهر

في فترة معاصرة للنفور المصري من النفوذ السعودي كانت باكستان التى انفصلت عن الهند تبحث عن داعم لها فإستدعت النفوذ السعودي إستدعاءا وبالفعل حضر النفوذ السعودي محملا بطلبات تطبيق الشريعة في مقابل الدولار ثم تحول الأمر إلى أن تصبح باكستان هي المخزون الرئيسي للعمالة السعودية وحتى الإحتياطي الإستراتيجي للجيش السعودي الذي يضع في خططه العسكرية الجيش الباكستاني كقوات إحتياط قابلة للإستدعاء في أي وقت

اليمن هي الأخرى لم تسلم من النفوذ السعودي الوهابي فبينما اليمن ذات الأكثرية الشيعية الزيدية كانت تمثل خطرا بشكل أو بآخر على السعودية الوهابية تحركت السعودية نحو مد نفوذها داخل اليمن بعد سقوط الإمام عام 1962 وعملت بكل السبل على تحويل اليمنيون إلى الوهابية والقضاء على الحيثيين ( وحتى اليوم فإن الحيثيين الذي يمثلون إحياء للزيدية اليمنية تري فيهم السعودية خطرا جامحا ومبررا لإنتهاك الأراضي اليمنية دون إذن) وكان من المنطقي أن تشتعل الحروب بين الزيدية اليمنية والحكومات اليمنية المدعومة سعوديا فعانت اليمن من ست حروب بين الحكومة اليمنية والحوثيين

الوهابية السعودية على مر التاريخ أثبتت أنها قادرة على التغلغل وسط الطبقات السكانية الأكثر فقر والأقل تعليما حيث يستعيض الفقراء عن الحاضر بالجنة القادمة وحيث يستعجل البعض الجنة ولو عبر الشهادة في سبيل ما يعتقدون
هنا قدمت السعودية كثيرا عبر فكره الوهابي المعتقد الذي يتيح لهؤلاء ممارسة الإنتحار إستعجالا للجنة فدخلت للعراق خلال العشر سنوات الماضية تحت حماية أمريكية ورعاية مخابراتية وكانت النتيجة الحتمية حربا أهلية مازالت العراق تعانيها حتى اليوم
في لبنان دخلت السعودية مستدعاة من إسرائيل وأمريكا على حد سواء لمواجهة نفوذ حزب الله بنفوذ إسلامي منافس فكانت معارك نهر البارد والوضع المتوتر المكتوم القابل للإنفجار في كل لحظة
مرة أخرى دخلت السعودية الوهابية بمذهبها ونفوذها في رفح وغزة الفلسطينية مستدعاة من مصر وإسرائيل ومباركة أمريكية حيث جرت محاولات لإنشاء إمارة إسلامية في رفح الفلسطينية لكن المحاولة باءت بالفشل في مواجهة النفوذ الإيراني المسيطر على حماس وإضطر محاربي الوهابية هناك للعبور إلى مصر بمباركة نظام مبارك ليظهرو مرة أخرى بعد خلع مبارك مهاجمين لأقسام الشرطة وهم يرفعون الرايات السوداء ويحطمون تمثال السادات الذي مثل للسعوديين عدوا لا ينسونه

السعودية نفسها لم تسلم من النار التى تلعب بها فكون الوهابية فكر متشدد بطبيعته فإن هناك ميلا طبيعيا إلى مزيد من التشدد بين أعضاء خلاياه وقد قامت إحدى الخلايا الوهابية هذه بتطبيق ما ترعاه السعودية من إرهاب على الأرض السعودية نفسها فضربت عددا من المدن السعودية منها الرياض العاصمة في 2008
حتى الأن مازالت السرايا الوهابية تتحرك في كثير من دول المنطقة ممولة بشكل جيد ومدعومة لوجستيا من مستخدميها فنجد ليبيا ما بعد القذافي تسقط شيئا فشئ في قبضة السلفيين بينما تونس بدأت تظهر عليها نذر الحرب الأهلية أو على أقل تقدير الصدام المجتمعي المسلح بينما مصر يبدو أنها تتجه شيئا فشئ نحو العنف بطريقة تشبه الدرامات الإغريقية والتى قد تسفر في النهاية عن تقسيم جسد الدولة نفسها بدلا من تقسيم الدولة لمناطق نفوذ غير معترف بها لكن مغضوض الطرف عنها

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Text Widget

Text Widget