أسرار التحالف بين أمراء السلفية وآل سعود وإسرائيل على مصر
ال سعود يعترف بفضل بريطانيا ويتعهد بوطن قومي لليهود في فلسطين |
التاريخ يحفل بالعديد من المشاهد التى لانجد لها تفسيرا للوهلة الأولى لكن كلما إقتربنا من العمق تظهر روابط المشهد وعلاته ولعل ذلك يتجسد تماما في أسرار العلاقة القائمة بين السلفية والعائلة السعودية وإسرائيل منذ قيام ثورة 25 يناير
للتبسيط قبل الشرح والتدليل نقول أن آل سعود قدموا المال بينما قدمت السلفية الغطاء الدينى الذي يعشقه أهل المشرق بينما يتبقى أن نقول أن الوهابية في حد ذاتها هي السلفية بل إن الوهابية هي إعادة الإنتاج المباشر للموروث السلفي الذي أتى به محمد عبر خلطة مختلقة من الثقافة البدوية وكتب الأديان السابقة على الإسلام وسط إنشغاله بإثبات تواجده كنبى وسط الأنبياء
السلفية نشأت مبكرا في فجر كما أن المسلمين جميعا يحملون قدرا من السلوك السلفي خاصة عندما يبدأون أي شأن من شؤن الممارسة الاسلامية فالعقل الانساني يفقد جزءا من قدراته الفكرية والتحليلية بتبنى الاسلام أو بالتربية عليه سواء أصبح هؤلاء فيما بعد سلفيون بالمعنى الحرفي للكلمة أو مصنفين بشكل آخر كوسطيين أو مسلمين معتدلين
العقل الاسلامي شأنه كشأن العقل اليهودي عليه أن يقبل بالأسطورة أولا وعليه ثانيا أن لا يسمح بأن تتسرب إلى عقله كل ما من شأنه أن يقلص من حجم الأسطورة فيقبل المسلمون بفكرة النبى الذي انتقل من الجزيرة إلى فلسطين وصلي بالأنبياء بينما الكثير من الأدلة التاريخية المتعلقة بهيكل سليمان تكذب الأمر من الأساس
أما أهم ما يميز التفكير السلفي خاصة والإسلامي عموما فهو عملية التعويض الزائد التى يدمن عليها العاجز كي يتقبل عجزه فبينما يعكف العلماء في الغرب على أبحاثهم يتوقف إنجاز المسلمين على طرح البدائل التى تحقر من الإنجاز فيخرجون لنا بول البعير والطب النبوي والإقتصاد الإسلامي كما لو كان الرب قد منحهم كتابا جمع فيه المعرفة وأصبحت دور العلم لا حاجة لها بعد ذلك
ولأن العقل الاسلام ينطلق من مفردات سادت في العقل الجمعي وتتميز بالخرافة والمستحيل مع نهي كامل عن حتى محاولة فك طلاسم الأساطير التى لم يحاول النبى أن يقترب من فكها هو الآخر بينما كان يسعى لإقتناص ما يستطيع من التوراة والإنجيل والتكملة عليه تأكيدا لأنه خاتم المرسلين عن طريق جعل كتابه إمتدادا يشمل أصولا من الديانات الأخرى
لذلك أتى الإسلام ومعه المقولة الأشهر إعلاميا: لا تجادل ولا تناقش
والسبب كما ترى أن لا حجج يحاجونك بها ولا دليل على أي شئ مالم تكن مضطرا أو مستعدا لتقبل كل شئ مقابل فقط أنك مسلم
وسط كل ذلك جاءت نصوص الإسلام تاكيد لما رسخ يهوديا عند اهل مكة والمدينة فإعترف المسلمون بالديانة لكن لعجزهم في معظمهم عن الفهم والقراءة أنكروا الكتب التى من المفترض أنها أصل القرآن بل وناصبوا أهلها العداء وجعلوا أهل الأديان الأخرى عدوا دائما وهو نفس ما فعلته اليهودية تماما وهو ما استقر عليه الحال حتى الآن فبينما توفر نصوص التوراة وتفاسيرها الكثير لإسرائيل لتحافظ على وحدة شعبها أمام عدو مشترك مسلم الديانة في معظم الأحيان يقول السلفيون أيضا بأن معركة حتمية ستقع وعداء لا ينتهى سيظل قائما لكنهم وبينما يمارسون قدرا من التوافق مع اليهود على الإتفاق على إلهاء شعوبهم بتلك اللعبة لا يترك السلفيون فرصة إلا وأضافوا الدين المسيحي والمعتنقين له كطرف آخر في العداء بل ويقومون بالدعوة لعملية (ترنسفير) كاملة له وهو ما سبق أن فعلوه عندما أفتوا بعدم جواز إجتماع دينين في الجزيرة وهو ما أخذته عنهم إسرائيل فإعتمدت سياسية الترانسفير في مواجهة أعداءها
أما عن شكل العنف الذي تتصف به الدعوة السلفية وهي قديمة قدم الإسلام فلعلنا نلمحها تماما منذا أن دخل إلى مصر عمرو بن العاص فعندما تصطدم العقلية السلفية بمجتمعات أرقى منها تفكيرا لا يجد السلفيون أمامهم إلا العنف كحلا لمن يرفض القبول بالكتاب أو بوجهة النظر أو بتسليم كل شئ مقابل جنة يعدونهم بها دون أن يظهرو مفاتيحها في أي مناسبة
في حالة مصر بقى الأزهر يمثل عقبة أمام السلفية الوهابية ولم يكن ذلك ناتجا عن رغبة منه لكن عن كونه إمتداد للثقافة المصرية التى تصر على أن يصبح للدين مؤسسة منذ زمن الفراعنة وتصبح هذه المؤسسة إمتداد للدولة ومصبوغة بصبغتها وهنا كان على الأزهر أن يكون مصبوغا بالطبعية الزراعية لمصر كما كان عليه أن يكون مصبوغا أيضا بالطبيعة الصناعية البسيطة للمصريين
ولان الاسلام الناشئ في بلاد تطارد الماء وتعتمد على القنص فإنه بطبيعته لا يتفق ونمط الانتاج الزراعي و الرأسمالي الصناعي لذلك لم يقدم الإسلام وفلم يضف شيئا ذو قيمة الي تراث مصر فيما عدا الحفاظ علي اصوله رغم ان البشر في حياتهم اليومية كانوا يمارسون حياتهم بناء علي فقههم المأخوذ من تراثهم المصري الاقدم من الاسلام والذي يربط بين المصريين ورجال الدين فظل الأمر على ماهو عليه لكن استبدل الكاهن بالقس ثم بالشيخ الذي وجد المصريون حلا مناسبا له وهو (الولي) الذي يمجد بعد موته
ولان الإسلام المصري متأثرا بالتراث أصبح أكثر سماحة من الإسلام الأصلي نشر الوهابية مستحيلا علي آل سعود في مصر
لكن حوادث العصر الحديث أعطت السلفية الفرصة والوهابية الطريق لدخول مصر فبداية من جمال عبد الناصر وثوار يوليو جرت عملية ربط وتبادل بين مصر وبين الدول العربية بكل ما يمكن أن يمثله ذلك من تلويث للواقع المصري برداءة المنتج الخليجي العربي وبعد حرب 1973 وصعود أسعار النفط جاء المال الخليج عبر المسافرين مصحوبا بتعليم ردئ وإعلام يتحدث عن عروبة مصر كذبا وهنا أصبح على الأزهر أن يهتز تماما أمام الضربات المتلاحقة وأصبح عليه أيضا أن يتسرب إليه النفوذ السلفي
وهنا تبدأ الصورة تتضح في علاقة اسرائيل بالفكر الوهابي من ناحية وبآل سعود من ناحية آخرى فاسرائيل تشجع الفكر الوهابي بلا حدود كونه لا يمثل خطرا عليها وبينما تدير أمواله خارجيا وتمثل له مظلة مخابراتية ضد معارضيه وقدرة على محاصرة الأصوات التى تطالب دائما بفك الإرتباط بين أمريكا والشريك السعودي بينما تواصل إسرائيل دورها بقوة في دعم آل سعود والوهابية ولعل التوافق الحادث بين الإثنين وقت الخمسينات والخطط التى تم الكشف عنها قريبا عن إجبار مصر على الإحتفاظ بقواتها في اليمن تمهيدا لإصطياد الجيش المصري في سيناء
حتى اللحظة فإن دورة أخرى من دورات التاريخ قد بدأت وثورة 25 يناير التى أقلقت إسرائيل جرى تحجيمها والإلتفاف عليها عبر فصيلي الإخوان والسلفيين الممولين من العربية السعودية والمدعومين بتصريحات أمريكية تقول بقبولهم كشركاء رئيسيين كل لحظة فور وصولهم للحكم
الآن الكرة في ملعب الثوار والطليعة الإشتراكية التى ليس من المفترض أن تكون أغلبية الشعب المصري بل فقط أن تكون قادرة على إفساد العملية من الأساس عبر تحركات نوعية تبدأ من الكفاح السلمي وحتى المواجهة المباشرة فعندما تتعرض الأوطان للخطر يصبح كل شئ مباح
0 التعليقات:
إرسال تعليق